كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب

كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب ؟

المغرب الرياضي  -

كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب

بقلم : احمد عصيد

بين الفينة والأخرى يقام معرض للكتاب هنا أو هناك، وتوقيعات لكتاب ومبدعين لا تسفر إلا عن مردودية هزيلة، ويظل النقاش حول قضايا الكتاب والمقروئية والتلقي ومشاكل التوزيع والنشر وحقوق المؤلفين نقاشا قائما، لكن الملاحظ في الغالب أن الكثيرين لا ينتبهون إلى أن معضلة الكتاب ورواجه وبيعه ضاربة بجذورها في قطاع آخر قلما يلتفت إليه في خضم هذا النقاش، وهو قطاع التربية والتعليم، حيث ترتبط نسبة المقروئية وتداول الكتاب بوضعية المدرسة وطبيعة النظام التربوي للأسباب التالية:

ـ أن مجال التربية والتعليم هو الذي يساهم بشكل وافر وحاسم أحيانا في خلق أو اغتيال ملكة القراءة والمطالعة والبحث، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بشخصية المتمدرس وتكوينه ونظرته إلى الحياة وإلى العالم.
ـ أن التعليم هو الذي يشكل فرصة اللقاء الأولى للتلميذ مع النص المكتوب ومع آليات التلقي عبر ملكات القراءة والفهم والتحليل.

ـ أن عشق الأدب والفكر والشعور بالحاجة إلى الزاد الرمزي الذي تشكله المطالعة، أمور يتم تحصيلها عبر متعة القراءة التي يكتسبها الطفل في المدرسة وعبر النصوص المقررة، والتي يتوقف على جودتها وحسن اختيارها نجاح عملية تحبيب القراءة إلى الطفل وتوثيق علاقته بالكتاب.

ـ أن العلاقات السائدة في المجال اللفظي العاطفي داخل المدرسة والتي تترك بصماتها بقوة في المتمدرسين مدى الحياة، هي التي تساهم في توطيد علاقة المتمدرس بالكتاب أو قد تؤدي إلى نتائج عكسية.

نستطيع بناء على المعطيات السالفة الذكر أن نرسم بعض ملامح أزمة الكتاب بالمغرب، فالمدرسة المغربية في طريقة تدريسها للغات، وبمنظومة القيم التي تروجها داخل المدرسة لا تسمح بتفتح ملكات التلميذ على القراءة والمنتوج الرمزي المكتوب، بقدر ما تجعله رهينة الحسّ المشترك السائد في المجتمع، كما تقوم بشحنه بمجموعة من القناعات والبديهيات الجاهزة التي تنتهي بالتلميذ إلى الاطمئنان إلى التقليد عوض البحث وقلق السؤال، وإلى الاجترار عوض الفضول المعرفي وحبّ الاكتشاف، كما أن العلاقات السلطوية داخل المدرسة تخلق ضمورا في الطاقة الإبداعية لدى التلاميذ، مما يضعف النزوع إلى الكتابة الإبداعية وإلى القراءة، ويقتل في الشباب متعة المطالعة، ويؤدي إلى فتور في علاقة الأجيال المتلاحقة بالكتاب، كما يؤدي بالتالي إلى وجود فارق كبير بين نسبة السكان ونسبة قراء الكتاب وعدد المبيعات من المنشورات المختلفة. وهو ما نجد خلافه تماما في أصغر الدول الأوروبية وأقلها سكانا، حيث تصل مبيعات ديوان شعري إلى مليون نسخة، بينما لا تتعدى منشورات الديوان الشعري باللغة العربية مثلا في المغرب (بلد الأربعة وثلاثين مليون نسمة) ألف نسخة، مع وجود "مرجوعات" بعد التوزيع.

وإذ ترتبط مكتبات القراءة العمومية بالمدرسة ارتباطا وثيقا، فقد ألقى النظام التربوي على هذه المكتبات بظلاله وجعلها غارقة في التقليد وتكريس ثقافة عتيقة متجاوزة، حيث لا يجد الشباب فيها ما يشفي غليله، مما جعله ينصرف بنسبة ساحقة إلى الأنترنيت، مع ما في ذلك من مخاطر على تكوينه وذهنيته، بسبب انعدام المعايير العلمية لتمحيص المعارف والمعطيات المنشورة عبر الفيسبوك، وشيوع السجال السطحي وثقافة الهجاء والقذف.

إن النظر في وضعية الكتاب إذن وفي تدنّي المقروئية يقتضي نظرة شمولية تسمح بإيجاد الحلول الناجعة لكل العوامل التي تؤدي إلى تفاقم هذه الوضعية، والتي منها النظام التربوي الذي يقتضي وقفة حازمة من كل القوى الحية، من أجل إصلاح جذري وجدّي يستجيب للتحديات الجديدة، وهو أمر مستحيل بدون تخليص النظام التربوي من براثن السلطة وتاكتيكاتها الظرفية المحدودة، وكذا من الإيديولوجيات والتيارات المتناحرة في المجتمع، وجعله ورشا وطنيا استراتيجيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 14:34 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

تتحرر وتتخلص من الأعباء الكثيرة والضغوط

GMT 16:30 2013 السبت ,16 شباط / فبراير

"Asphalt 7: Heat" أصبحت مجانية لفترة

GMT 01:02 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

ليفركوزن يخيّر مهاجمه بين كوبا أميريكا والأولمبياد

GMT 08:29 2012 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

دبي تحتضن أقوى منافسات السباحة العالمية

GMT 06:57 2013 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ترشحت للرئاسة لمواجهة الإقصاْء

GMT 18:28 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

منتخب تونس يسعى لتحقيق فوزه الأول على موريتانيا

GMT 07:43 2016 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

طرح أسئلة أخرى حول المسلسل الانتخابي المغربي

GMT 19:40 2016 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

عقد زيدان يمتد لعامين ونصف مع "ريال مدريد"

GMT 11:08 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

بعثة محليي مصر تسافر اليوم إلى المغرب

GMT 06:07 2014 الخميس ,28 آب / أغسطس

هلال القدس يواجه يطا بنهائي كأس أبو عمار

GMT 02:13 2016 الأربعاء ,22 حزيران / يونيو

أحمد شوبير يعتذر للجماهير عن مشادته مع أحمد الطيب
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib