الأولويات الفلسطينية كما تُرى من موسكو

الأولويات الفلسطينية كما تُرى من موسكو

المغرب الرياضي  -

الأولويات الفلسطينية كما تُرى من موسكو

بقلم - عريب الرنتاوي

لا يقلل السيد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية من الأخطار المتضمنة في المبادرة الأمريكية الجديدة المعروفة اختصاراً باسم «صفقة القرن»، بيد أنه يرى أن مكامن الخطر الحقيقي تقع في أماكن أخرى، أهمها: حالة الانقسام الفلسطيني التي تمس وتتهدد الشرعية الفلسطينية، وحالة الضعف والانقسام التي تهيمن على العالم العربي ... بوغدانوف الذي خبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأزيد من أربعين عاماً، ينظر إلى الانحياز الأمريكي لإسرائيل من باب تحصيل الحاصل، فهو كان قائماً في عهد الإدارات السابقة، وهو عابر للحزبين الديمقراطي والجمهوري وإداراتهما المتعاقبة.
كيف يمكن لروسيا أن تساعد الفلسطينيين، وهم يقفون اليوم على أبواب أخطر منعطف تمر به قضيتهم الوطنية، منذ انطلاق حركته الوطنية المعاصرة؟
هكذا سألت «الموفد الرئاسي الروسي للشرق الأوسط» في لقاء جمعني به بمكتبه بوزارة الخارجية الروسية في موسكو ... الرجل الذي يعرف القيادات الفلسطينية واحداً واحداً، بأسمائهم وألقابهم وكناهم، من غادر منهم الحياة ومن ينتظر، أجاب ببساطة: كيف يمكن مساعدة الفلسطينيين إن لم يساعدوا أنفسهم بأنفسهم، ويشرعوا من دون إبطاء في طي صفحة الانقسام، وإعادة بناء هياكل ومؤسسات «الممثل الشرعي الوحيد»، وخوض النضال الموحد للدفاع عن مشروعهم الوطني المتضمن في ركام القرارات الأممية، ويلقى تأييداً من قبل معظم دول الأسرة الدولية.
 «الأولوية المطلقة» للمصالحة وانهاء الانقسام»، هذه العبارة بحرفيتها ليست لي، إنها للرجل الذي أطلقت عليه صحيفة عربية ذات يوم لقب: «حامي نفوذ الإمبراطورية الروسية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا»، قبل أن يسهب في الحديث عن لقاء موسكو الأخير، الذي رعته الخارجية الروسية، ودعت إليه اثني عشر فصيلاً فلسطينياً، لم يتمكنوا من إصدار بيان مشترك والتوقيع عليه، واختلفوا حول «شرعية ووحدانية تمثيل المنظمة لشعبها» و»مرجعية القرارات الدولية» لحل القضية الفلسطينية.
بوغدانوف يرى المصالحة ضرورية لإسقاط الذرائع التي تسوقها أوساط إسرائيلية لتجنب استئناف مسار السلام أو رفض التفاوض مع الرئيس عباس، وهي الذريعة التي باتت تشتق مبرراتها من حالة الانقسام الفلسطيني لتطرح سؤالاً: من يمثل الفلسطينيين؟ وهل يمتلك الرئيس عباس سلطة الحديث باسم حماس وغزة؟ ... طبعاً الرجل ومن موقع خبرته العميقة في التعامل مع المجتمع والحكومات الإسرائيلية، لم يفته القول: أن خيار التفاوض واستئناف مسار السلام، قد لا ينتعش في حال تمت المصالحة كذلك، وقد يخرج من بين الإسرائيليين من سيقول: عباس اختار حماس (الإرهاب) ولم يختر السلام ... هو يعرف ذلك تماماً، ولديه العديد من القصص ليرويها في هذا المجال، ولكنه مع ذلك، ورغم ذلك، يؤمن بسّد الذرائع، ويرى أن نقطة البدء في مواجهة «صفقة القرن»، إنما تبدأ بالمصالحة واستعادة الوحدة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ... في فلسطين، كما في سوريا، يستدرك بوغدانوف، لا سيادة من دون شرعية، وأخطر ما يمكن أن تواجهه أية دولة، هو فقدان الشرعية، والسيادة استتباعاً.
الفلسطينيون لا يمتلكون «ترف» الانتظار، و»الستاتيكو» ليس خياراً ولا هو سيناريو واقعي ... كل يوم تفرض وقائع جديدة على الأرض، ومرور الزمن، وإن كان لا يكرس «شرعية الخطأ»، إلا أنه سيفرض نفسه على أي صيغة مستقبلية للحل، وقد يجعل من بعضها عصياً على التنفيذ (حل الدولتين) أو يفتح الباب لصيغ جديدة من نوع «حل الدولة الواحدة» الذي ترفضه إسرائيل بقوة، أو «دولة ونصف»، في تعبير عمّا يجري تداوله اليوم من أفكار تتحدث عن «أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي» على مساحات في الضفة الغربية، وليس الضفة بكاملها.
لم أجد الكثير مما يمكن قوله في توضيح وتفسير المشهد الفلسطيني الراهن بضعفه وانقساماته وتفككه ... فإن كان «أهل البيت» لا يرون في كل ما يحدق بهم ويمس مستقبل قضيتهم الوطنية ويتهدد مصائر أجيالهم القادمة، ما يكفي لوضع خلافاتهم جانباً، ولملمة شتات حركتهم الوطنية ... إن لم تكن القدس والاقصى والمقدسات واللاجئون وضم المستوطنات (بعد الجولان)، والتهديد بقطع الطريق على خيار الدولة المستقلة، وتقزيمها إلى «نصف دولة»، إن كانت كل هذه التهديدات غير كافية لإقناعهم بالوحدة، فما الذي يمكن أن يغير أحوالهم ... لقد كنت كتبت – شخصياً وفي هذه الزاوية بالذات – أن التاريخ لن يرحم الشعب الفلسطيني وقياداته وفصائله في هذه المرحلة، عن «النكبة الثانية» التي تلوح بالأفق، وسيسجل بالأحرف العريضة، أنهم كانوا سبباً فيما انتهوا إليه، بل وسببا رئيساً في هزيمة مشروعهم الوطني، فلا القيادات تسهر على خوض غمار مرحلة جديدة، ولا الفصائل نجحت في تفادي «شيخوختها»، ولا «الجماهير الشعبية» قادرة على فرض نفسها كلاعب مستقل، يفرض إرادته على «الإخوة الأعداء»، وانتزاع زمام المبادرة بنفسه.

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأولويات الفلسطينية كما تُرى من موسكو الأولويات الفلسطينية كما تُرى من موسكو



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 18:56 2017 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

منير الحدادي ينتقل لآلافيس بنظام الإعارة

GMT 07:32 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

الفيفا يتخذ إجراء بشأن "شيف الملح" في كأس العالم

GMT 14:27 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

باريس سان جيرمان يصرف النظر عن صفقة ميسي

GMT 15:30 2021 الإثنين ,12 تموز / يوليو

الملك يبعث رسالة تهنئة لمكونات الرجاء الرياضي

GMT 19:16 2021 الثلاثاء ,06 تموز / يوليو

رسميا باريس سان جيرمان يتعاقد مع المغربي حكيمي

GMT 07:20 2021 السبت ,15 أيار / مايو

بيريز ينتظر القرار النهائي لزيدان
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib