تحولات «العدالة والتنمية»

تحولات «العدالة والتنمية»

المغرب الرياضي  -

تحولات «العدالة والتنمية»

محمد الأشهب


حين يقول رئيس الحكومة المغربية إن الانتخابات المحلية للعام 2009 كانت نزيهة، واعترتها تشوهات في مجال تشكيل بعض المكاتب المسيرة لمجالس بلدية فقط، فالإشارة تزيد على حرص عبدالإله بن كيران على أن يكون اقتراع أيلول (سبتمبر) المقبل مواكباً لتطلعات الناخبين في الحياد والنزاهة والشفافية، لأن ذلك تحصيل حاصل، ومن غير الوارد أن تعود البلاد إلى ما قبل الرهان على التحول الديموقراطي الهادئ، خصوصاً إن جربت الانفتاح على المعارضة التي حمل لواءها «الاتحاد الاشتراكي» و «الاستقلال». ثم انعطفت في اتجاه تمكين الإسلاميين من أكثر من موطئ قدم تحت الشمس.

لعلها المرة الأولى التي يسقط فيها زعيم «العدالة والتنمية» الإسلامي لاءات صدرت عن تنظيمه الحزبي، لناحية اعتبار التحالف مع «الأصالة والمعاصرة» خطاً أحمر، إلى درجة أنه خاض معركة شرسة في مواجهة رموزه جعلته يتماهى وشعارات «حركة 20 فبراير» ذات النبرة الاحتجاجية القوية. وبعد أن لوّح كثيراً باحتمال عودة حراك الشارع المغربي، في حال عدم الذهاب بعيداً في إقرار إصلاحات جذرية، اختار هذه المرة أن يبلع لسانه على مشارف الاستحقاقات الانتخابية، أقله لناحية التطبيع والمشهد السياسي الكائن بقوة الواقع.

عبدالإله بن كيران لم يقل ذلك صراحة، لكن إشادته بنزاهة الانتخابات التي حاز فيها منافسه اللدود مركز الصدارة في البلديات، تحمل على الاعتقاد بتراجع انتقاداته، أو على أقل تقدير تعاطيه والحزب الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة، قبل أن يتحمل مسؤولية مستشار لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مثل غيره من الفعاليات ذات الشرعية الديموقراطية.

الذين يعرفون رئيس الحكومة المغربية يدركون أنه لا ينطق بكلام من فراغ، بل مهد دائماً للقفزة المقبلة بتمارين رياضية تبدو شاقة في بعض الأحيان، ولأسباب يعرفها وحده ظل يجاهر بأنه لن ينازع المؤسسة الملكية في شيء، وأنه يحكم البلاد وفق صلاحياته الدستورية. لكن بما يحقق وفاقاً كاثوليكياً مع الملك. ولعله أراد توجيه رسائل واضحة لجهة أن الوفاق ومكونات المشهد السياسي جزء لا يتجزأ عن مقتضيات التنازلات المتبادلة، من دون أن يرتدي الموضوع طابع المفاوضات.

تطور بهذه الأهمية، ما من شك أن له أسبابه السياسية والعملية، ومن ذلك أنه «الأصالة والمعاصرة» أصبح رقماً أساسياً في تشكيل جبهة المعارضة، بعدما كان بعض أطرافها ينتقد ظروف نشأة الحزب. وما دامت المعارضة أبدت قدراً كبيراً من الانفتاح عليه، فلا شيء يحول دون أن تحذو الغالبية التوجه نفسه، خصوصاً أنها تضم أحزاباً سبق لها أن تحالفت في تشريعيات العام 2011. عدا أن عبدالإله بن كيران يسعى إلى تطمين حلفائه إلى أن انتخابات البلديات ليس من شأنها إحداث أي شرخ أو تغيير في أطوار التحالف الحكومي. بل إنه ذهب إلى حد اعتبار الائتلاف الذي يضم «العدالة والتنمية» و «تجمع الأحرار» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية» عنواناً بإمكانه خوض اقتراع البلديات ونظام الجهات ومجلس المستشارين وفق نسق أقرب إلى التحالف الانتخابي.

في سياق متصل، عاود رئيس الحكومة إلى الأذهان استحضار الظروف التي خاض فيها حزبه انتخابات العام 2003 التي أعقبت التفجيرات الانتحارية في الدار البيضاء، مذكراً بارتفاع أصوات كانت تطالب بتعليق نشاط حزبه وحلّه، ما دعاه إلى خفض نسبة ترشح المنتسبين إليه. ولأن ظروف الانتخابات المقبلة كما سابقاتها التشريعية، تأتي وقد جرت مياه كثيرة تحت جسر التطبيع مع الحزب قائد الائتلاف الحكومي، فقد يكون رئيس الحكومة بصدد إعداد الأجواء للنزول بثقل أكبر في استحقاقات الخريف المقبل.

من أبرز التوجهات التي ترسخ هذا الاعتقاد أن الحزب الإسلامي لم يعد يمانع في تبني مترشحين وكفاءات تكنوقراطية من خارج دائرة الانتساب الحزبي الضيق، وفي ذلك إشارة واضحة إلى انفتاح موازٍ على فعاليات المجتمع المدني. وكما سبق له أن غيّر توصيفه من «حزب إسلامي» إلى حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية، فإنه في طريقه إلى أن يغير الكثير مما يعتبره عقبات أمام دمجه الكامل في المشروع الديموقراطي، حتى أن تعاطيه ومفهوم الحرية الفردية اتسم بمرونة زائدة لم تكن معهودة في أدبياته المذهبية والسياسية.

بين أن يكون «العدالة والتنمية» أكثر ثقة باستمرار نفوذه السياسي الذي لم يتأثر بتجربته في الحكم، أو يكون بصدد تدارك ما يمكن أن يعتري الانتخابات المقبلة من مفاجآت، هناك شيء ثابت، مفاده أن الأحزاب الكبرى تمارس ما يشبه الحرب النفسية في استباق النتائج، حتى إذا ظهرت بخلاف توقعاتها يصبح لكل حادث حديث. وجاءت البداية من معاودة التأكيد أن الاقتراع سيجري في موعده المحدد، ولن يطرأ عليه أي إرجاء.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحولات «العدالة والتنمية» تحولات «العدالة والتنمية»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 01:27 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

النهضة البركانية تواجه نادي "الجيش الرواندي"

GMT 05:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

إعتمد الليونة في التعامل مع الآخرين

GMT 04:01 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن نتيجة مسحتي فرجاني ساسي وأشرف بن شرقي

GMT 23:00 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

برشلونة يعلن عن إصابة لاعبه بوسكيتس في مباراة ايبار

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
moroccosports moroccosports moroccosports
moroccosports

RUE MOHAMED SMIHA, ETG 6 APPT 602, ANG DE TOURS, CASABLANCA, MOROCCO.

Beirut Beirut Lebanon