«الجهادية» السياسية

«الجهادية» السياسية

المغرب الرياضي  -

«الجهادية» السياسية

محمد الأشهب



بانضمام أحد أبرز شيوخ السلفية الجهادية في المغرب، عبد الكريم الشاذلي إلى حزب «الحركة الشعبية الديموقراطية»، في ضوء مراجعات على خلفية اعتقاله وبعض مناصريه في أحداث الهجمات الانتحارية في الدار البيضاء عام 2003، يكون فتح الباب أمام احتمالات ظهور تيار من السلفية الجهادية كحزب سياسي، يعمل في نطاق مشروع.
المفارقة أن «العدالة والتنمية» بزعامة رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران لم يعد يطيق توصيفه بـ»الحزب الإسلامي»، وإنما كحزب سياسي ذي مرجعية إسلامية. وإذا كان الهدف من ذلك ملاءمة وضعه والقوانين التنظيمية للأحزاب التي تحظر تشكيلها من منطلقات دينية أو عرقية أو لغوية أو قبلية، فالأهم أنه وضع مسافة أطول إزاء التماهي والأحزاب المتفرعة عن امتدادات «الإخوان المسلمين»، بل إنه صاغ لنفسه مرجعية سياسية أبعدته عن تصنيفات تيارات مماثلة في المشرق والمغرب معاً.
الغريب أنه في الوقت الذي ترتفع أصوات خصومه ومناوئيه طالبة إليه الدخول على خط التماس الأخلاقي الذي اقتحم مجالات سينمائية وفنية ومهرجانات ثقافية، يميل «العدالة والتنمية» إلى التعاطي والإشكالات المطروحة بمرجعية قانونية وإدارية. كونه أدرك أن خياراته كحزب سياسي محافظ لا تفرض بالضرورة الانشغال بقضايا الوعظ والإرشاد والأخلاق، إلا في نطاق أوفاق الدولة المدنية، وإن لم يخف رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران المسحة الدينية والأخلاقية في مرافعاته ضد خصومه الحزبيين. بينما تستمر الأذرع الدعوية للحزب إياه في ممارسة أدوارها التي لا تبتعد كثيراً عن الهاجس الديني والأخلاقي.
كثيرون رأوا في انضمام بعض شيوخ السلفية الجهادية إلى أحزاب سياسية قائمة، مثل «النهضة والفضيلة» أو «الحركة الشعبية الديموقراطية» خطوة تقتفي أثر التجربة السياسية للحزب الحاكم «العدالة والتنمية»، عندما انضم نشطاء إسلاميون في حركات دعوية إلى «الحركة الشعبية الدستورية» بزعامة الدكتور عبد الكريم الخطيب. إلا أن المعطيات لا تستنسخ بعضها، إلا من حيث ضوابط العمل السياسي المشروع. فقد انبثقت التجربة الأولى من رحم معطيات محلية وإقليمية، ارتبطت في جانب كبير منها بالمخاوف الناشئة جراء احتمالات تزايد نفوذ الحركات الإسلامية.
حدث ذلك في تسعينات القرن الماضي، وتحديداً قبل اندفاع الحراك الذي عرف بـ «الربيع العربي» الذي قاد إلى اعتلاء أحزاب إسلامية واجهة الأحداث، من موقع السلطة السياسية التنفيذية. فهل كانت للرؤية الاستباقية التي شهدها المغرب دلالات استقرائية، أم أنها صادفت تحولات عميقة. ما قد يدفع إلى الاعتقاد بأن معاودة استنساخ التجربة في ظروف مغايرة، إنما يراد لتعزيز مسار دمج الحركات الإسلامية على اختلاف مشاربها في سيرورة الأنماط الحزبية التي تحيل على التطبيع مع الظاهرة.
المؤكد أن تيار «السلفية الجهادية» ليس بالحجم نفسه والتأثير الذي يخشى من أن يقلب الطاولة على الجميع، لكن الإشارة تبدو أكثر إيحاء في حال مقارنتها بالوضع الذي تجتازه «جماعة العدل والإحسان»، باعتبارها تُصنف كأكبر فصيل إسلامي ينأى بنفسه عن المشاركة في مقتضيات الدمج السياسي والحزبي، إذ يرهن ذلك بشروط تطاول معاودة النظر في الوثيقة الدستورية وتصريف مواقف أقرب إلى الراديكالية.
غير أن التجربة السياسية المغربية في مجملها، تظل قابلة لاستيعاب الفصائل والتيارات الإسلامية. ولم يكن غائباً عن رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران من خلال دعوته الرفاق في «جماعة العدل والإحسان» للاختيار بين الشارع والمشاركة السياسية المشروعة، أن تعزيز حضور الإسلاميين يتطلب دعماً من كل التيارات. غير أن تزامن انضمام بعض شيوخ السلفية الجهادية إلى حزب سياسي مع الشروع في العد العكسي لإجراء انتخابات البلديات والمناطق الأقرب إلى الحكم المحلي، له أكثر من دلالات. ليس أبعدها أن المشاركة السياسية أفضل من الانغلاق والبقاء خارج قواعد اللعبة الديموقراطية. إلا أن تقويم مآل وآفاق التجربة السياسية سيظل رهن توجهات الرأي العام المعبر عنه في صناديق الاقتراع. ولن يكون هذا الانضمام كما غيره، غير مقدمة طبيعية لبدء المنافسات الانتخابية المفتوحة على كافة الاحتمالات.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الجهادية» السياسية «الجهادية» السياسية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 15:49 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

لا يبشر الجو العام بالهدوء التام

GMT 16:17 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تستعيد القدرة و السيطرة من جديد

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 01:52 2025 الثلاثاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

الركراكي يستبعد زياش وبوفال من كأس أمم إفريقيا لأسباب فنية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
moroccosports moroccosports moroccosports
moroccosports

RUE MOHAMED SMIHA, ETG 6 APPT 602, ANG DE TOURS, CASABLANCA, MOROCCO.

Beirut Beirut Lebanon