لعنة الله على الظالمين

لعنة الله على الظالمين

المغرب الرياضي  -

لعنة الله على الظالمين

بقلم - نور الدين مفتاح

إلى الزملاء عبد الحق بلشكر ومحمد أحداد وعبد الإله سخير وكوثر زكي. 

أهنئكم أولا بانضمامكم إلى نادي أصحاب السوابق القضائية في المتابعات الصحافية، فأنتم أهل لكل خير، مع أسفي على أنه لو كانت الستة أشهر حبسا التي نطقت بها المحكمة الموقرة نافذة لكانت أكبر وأهم، أما لو كانت مرفقة بالنفاذ المعجل، فإننا كنا سنحتفل بالكوثر -وهو الخير العميم- في عرس الصحافة المغربية.

أهنئكم لأنه من خلالكم وضعنا الشعارات في الميزان، والنوايا في الامتحان. أنتم كشفتم عورات هذه الحرية المزعومة في أفواه المنمقين والمتملقين وحديثي العهد بالنعم المنتزعة بالمناورات السياسوية والخنوع.

إنها حكاية ستروى لأجيال. فنحن لسنا إزاء لا قذف ولا سب ولا تشهير، ولا خبر زائف ولا مس بمعنويات الجيوش، ولا اقتحام للحياة الخاصة ولا تطاول على الثوابت… نحن في هذه النازلة كنا في عالم آخر لا يمكن أن يتصوره حتى صحافيو الجان! لقد نشرتم أخباراً صحيحة حول موضوع يهم المغاربة، وصادرة عن مؤسسة تشريعية، أي سلطة تمثل الشعب، ورغم ذلك، كانت هناك عقوبة محترمة موزعة بعدل بينكم، وهي في نهاية حلاوتها موزعة من خلالكم علينا جميعا، لذلك، أحسست شخصيا بنوع من الخذلان عندما لم يعتقلونا، على الأقل، نجتمع لبضعة أشهر أو أعوام ونحكي عن أشياء أفيد من تفاهات بعض الزعماء وأكاذيب بعض الطارئين على حراسة الأسرار، وما هي بأسرار ولكن زينت لهم.

ولا يفوتني أن أتقدم بخالص عبارات التقدير والامتنان، والشكر والعرفان، للسيد حكيم بنشماس رضي الله عنه، صاحب الرئاستين في الباميين والمستشارين، أصالة عن نفسي ومعاصرة عن كل قبيلتي الصحافية، على هذا الفتح المبين الذي لم يسبقه إليه أحد، عزما وهمة وإقداما بالتوجه إلى وزارة العدل بشكاية ثقيلة طالبا تحويلها إلى النيابة العامة: "لتباشر إجراءات البحث اللازمة بهدف الكشف عمَّن قام بإفشاء ونشر المعلومات والتصريحات التي تكتسي طابع السرية، وترتيب المتابعات القضائية على مرتكبي هذه الأفعال التي يجرمها القانون". انتهى كلام مولانا بنشماس.

وفي ذات الرسالة التي ستحمل ابتداء من ولادتها في مكتب الرئيس بالقبة المحترمة صفة التاريخية، سيبسط بنشماس الحنون دفوعاته، وهي نشر جرائد "أخبار اليوم" و"المساء" و"الجريدة 24" لمضامين بعض جلسات تقصي الحقائق في ملف اختلالات الصندوق الوطني للتقاعد. ولكم أن تتصوروا الخطورة المحتملة لهذا الملف الذي يحمل فيه رئيس مجلس المستشارين، رابع شخصية دستورية في البلاد، قلمه السيّال ليدبج شكاية إلى واحد من وزراء السيادة في المملكة، لينقلها إلى النيابة العامة كحارسة أمينة عن الحق العام. لكم أن تتصوروا خطورة عنوان مثل هذا الذي صدر في "أخبار اليوم" ونقله السيد الرئيس إلى السيد الوزير: "كواليس استجواب ابن كيران أمام لجنة تقصي الحقائق في البرلمان"، أو ذاك الذي صدر في "المساء": "صندوق التقاعد قدّم معلومات غير صحيحة للحكومة عن وضعيته"، أو "الجريدة 24" التي نقلت عن ابن كيران قوله: "أنا فخور بإصلاحي لصندوق التقاعد والشعب زكى موقفي في الانتخابات". أليست هذه أفعالا تتزعزع لها أركان المملكة وتصطك من هولها أسنان حروف كلمة "الاستقرار"؟

بلى، يجيب بنشماس. ويؤكد على أن من نقل هذه الأخبار الخطيرة في نظره، والعادية بكل المعايير المهنية الابتدائية، يجب أن تطبق عليه المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 85-13، التي تنص -بالسلامة- على عقوبة بالغرامة ما بين 1000 و10000 درهم، وبالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات! وذلك دون الإخلال، عند الاقتضاء، بالعقوبات الأشد التي قد يتطلبها تكييف الفعل الجرمي.

الله أكبر. ماذا سيقول وزير العدل المسكين غدا في جنيف أمام لجنة حقوق الإنسان وهو أمام شهادة قدمتها المملكة بلسان وقلم سلفه، يؤكد فيها أن المغرب قطع مع حبس الصحافيين في المتابعات المتعلقة بمزاولتهم لمهنتهم؟ ماذا سنقول لأنفسنا ونحن في هذه السكيزوفرينيا، حيث عندنا قانون صحافة خالٍ من العقوبات الحبسية، وصحافيون يحكمون بالسجن؟!

وهذه أسئلة بسيطة أولية، أما عمق هذا الملف المضحك، فهو هذا الحضيض الذي وصل إليه الصراع السياسي والحزبي في بلادنا، والذي يمكن أن تستعمل فيه أبأس الوسائل للنيل من الخصم حتى ولو كانت ستقضم سمعة البلد وكرامة مواطنيه، من خلال صحافييه الذين يحملون شرعية الدفاع عن حق  المجتمع في الإخبار والتتبع وكشف المستور.

هذه فضيحة بكل المقاييس، أن يصل رئيس مؤسسة دستورية ينتمي للسلطة التشريعية لجر صحافيين للقضاء لمجرد أنهم اجتهدوا وحصلوا على أخبار في ملف عادي يهم جمهورهم، حتى وإن كانت هناك مادة غابرة في طيات قانون لا يعرفه أحد تعاقب على النشر، فالعبرة يا سيدي بالمقاصد وليس بالظاهر والمكتوب.

نعم لمعاقبة الصحافيين إذا تواطؤوا مع الخارج ضد بلدهم أو أفشوا أسرار الدفاع الوطني أو الأمن الداخلي، أو حتى إذا أساؤوا استعمال السلطة التي بين أيديهم، إنهم ليسوا فوق القانون، ولكن، لا يمكن للصحافيين المغاربة أن يجمعوا أقلامهم وينتظروا حتى يطلعوا على جميع القوانين والأنظمة الداخلية لجميع المؤسسات والهيئات في البلاد قبل أن يزاولوا مهنتهم التي لا تشبه باقي المهن. إن لنا مدونة خاصة لا نحتكم إلا لها ومجلسا لأخلاقيات المهنة يزاول قضاء الزملاء، وما عدا ذلك فهو قمع لحرية الصحافة واستعداء لها، واعتداء سافر على حق المغاربة في إعلام جاد ومهني.

ودعونا نختم هذه المقامة السوريالية بالدعاء للعلي القدير أن يلهمنا الصبر حتى لا يطير رشدنا، والجلد حتى نستمر في مزاولة مهنة لا يمكن أن يحترفها بهذه المواصفات وفي هذه الظروف إلا مغبون، آمين ولعنة الله على الظالمين.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعنة الله على الظالمين لعنة الله على الظالمين



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 14:54 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

تعيش شهرا غنيا وحافلا بالتقدم والنجاح

GMT 19:34 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

إنتصارات مهمة في السباق العاشر للخيل

GMT 23:10 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

زوران ينتقد تحكيم مباراة الوداد المغربي ضد صن داونز

GMT 16:02 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

ثرثرة منتصف الليل

GMT 14:02 2023 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

إهدار الفرص وعدم التركيز ينهيان حلم المونديال للأهلي المصري

GMT 20:58 2023 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

مستقبل غامض لحارس الرجاء البيضاوي

GMT 11:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

زياش يشارك في حملة إحياء ذكرى الهولوكوست
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib